سفير بغداد في واشنطن: تلاشي هيبة الدولة العراقية دفعني للاستقالة

  

استقالة لقمان الفيلي تعري طبقة الطائفية والمحسوبية في وزارة الخارجية العراقية التي تسيطر عليها الأحزاب الدينية.

العرب/بغداد - حملت استقالة لقمان عبدالرحيم الفيلي، السفير العراقي في الولايات المتحدة، دليلا جديدا على أن العراقيين لم يعودوا يشعرون بأن الدولة معبّرة عنهم ولا في مستوى انتظاراتهم خاصة بعد أن تحولت إلى لعبة بيد الأحزاب والمجموعات الطائفية.

وأعلن الفيلي استقالته، مبررا الأمر بأنه بات يشعر أن “كيان الدولة العراقية يضعف وهيبتها تنزف كل يوم”، داعيا إلى “معالجات آنية وضرورية بإفساح المجال للطاقات التي يمكن أن تعالج جزءا من هذه الحاجة”.

وأضاف “أصبحنا كدبلوماسيين مثل الجنود العزل في ساحات القتال من دون تموين كاف أو تواصل مؤثّر، ولا نملك إلا القليل ممّا تتطلبه المهمة الصعبة في المعتركات الدبلوماسية من أهداف استراتيجية واضحة أو دعم وتوجهات مدروسة من أركان الدولة وأجهزتها”.

وقال مراقبون عراقيون إن الفيلي ليس الوحيد الذي يخامره شعور بغياب هيبة للدولة في العراق، بل إن هذا الشعور كامن لدى الغالبية من الوزراء والمسؤولين في العراق ولدى العراقيين ككل.

ولم تعد الدولة ومؤسساتها تدافع عن قيم ومواقف ثابتة حتى يستطيع المسؤول أن يستوعبها ويتبنى الدفاع عنها، وهذا سرّ الإحراج الذي وجده الفيلي في الحديث باسم حكومة يضغط رئيسها لتنفيذ أحكام الإعدام بدافع الانتقام لاسترضاء الميليشيات.

وأكد السفير المستقيل فيما يشبه التعبير عن وجود “حكومة افتراضية في المنطقة الخضراء” أنه “ومن خلال تعاملي المباشر مع الحكام، في العراق وخارجه، أدركت أن الجلوس على كرسيّ الحكم لا يعني دوما أن الحاكم يملك مقومات الحكم، وأن المنصب ابتلاء ومحنة أكثر منه ترقية ونعمة”.

وأشار مراقب سياسي عراقي في تصريح لـ”العرب” إلى أن الفيلي أعلن باستقالته موقفا وطنيا يعلو على المتشبثين بالمنصب، لذلك هاجمه الطائفيون ولفّقوا له تصريحات بمهاجمة الحشد الشعبي.

واعتبر المراقب أن استقالة بهذه الطريقة تعرّي طبقة الفساد والمحسوبية والطائفية في وزارة الخارجية العراقية التي تسيطر عليها الأحزاب الدينية تماما مثل الحكومة التي يريد كل طرف الاستئثار فيها بوزارة سيادية يغرقها بأتباعه.

والنزعة الطائفية في إدارة شؤون الدولة والولاء لإيران خلقت قناعة لدى العراقيين بأن الدولة الوطنية الجامعة قد انتهت وتركت مكانها لمجموعات تهدم مقومات الدولة، وهو ما أشار إليه الفيلي بوضوح.

وعبّر الفيلي عن هذه القناعة بالقول “أدركت أن العراق الآن دولة لا تمتلك الكثير من مقومات القوة في العديد من المجالات، وتحتاج إلى جهود جبارة من كوادر مؤمنة ومخلصة تمتلك المهنية والكفاءة والإخلاص وتسعى وتركز لبناء وطن لأولادهم وأحفادهم قبل كل شيء مع معرفة كاملة لمستلزمات إعماره من مختلف النواحي العمرانية والعقلية والنفسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية”.

ويرى المراقب العراقي أن القبول السريع للاستقالة من قبل وزير الخارجية إبراهيم الجعفري يكشف عن رغبة المنظومة الطائفية في التخلص من الكفاءات العراقية، معتبرا أن هذه الاستقالات تمثل فرصة لاختيار البديل الموائم لهذه المنظومة وفق أجندة حزبية وطائفية.

ويعرف المغتربون العراقيون بأن الفيلي شخصية علمية منذ دراسته لعلوم الكمبيوتر في بريطانيا، وأنه رغم توجّهه الإسلامي بقي معتدلا ولم ينسق مع الدوافع الطائفية.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

787 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع