انسحاب علني لداعش يثير الشكوك بوجود ترتيبات!!

        

 استهداف لرتل من 500 عربة محملة بالأسلحة والمقاتلين يغادر الفلوجة    

الخروج الآمن لداعش من الفلوجة يلقي الضوء على الدخول الآمن للتنظيم قبل سنتين إلى المدن العراقية.

العرب/بغداد - أثار الانسحاب العلني لرتل كبير من سيارات داعش من الفلوجة باتجاه الصحراء تساؤلات بشأن هذه العملية، وهل أنها ناجمة عن جرأة مبالغ فيها من التنظيم المتشدد، أم أن الأمر مرتبط بترتيبات حصلت بينه وبين جهات عراقية نافذة تسمح له بإخلاء المدينة دون التعرض لأي هجمات.

وتحدثت تقارير عراقية مختلفة عن تحرك رتل من داعش يضم قرابة 500 عربة تحمل المئات من عناصر التنظيم مع عوائلهم، بعد منتصف ليل الأربعاء/الخميس، من مناطق في جنوب الفلوجة، مرورا بعامرية الفلوجة، بقصد الوصول إلى منطقة صحراوية قريبة.

وقال الصحافي العراقي عمر الشاهر، الذي يعرف المنطقة بشكل جيد، إن ما حدث في عامرية الفلوجة، يؤكد وجود أسرار كبيرة في قضية ظهور داعش وتغوله.

وأضاف أن أرتال داعش تحركت علنا، ولم تتعرض لها أي قوات إلى حين بلوغها عامرية الفلوجة.

وتقول مصادر عراقية مطلعة إن طيران التحالف الدولي رفض مهاجمة الأرتال الداعشية بحجة وجود عوائل فيها، وإن الجيش العراقي تلقى أوامر بفتح الطريق أمامها. ولم يخرج عن هذا السياق سوى بضعة مقاتلين من عشيرة البوعيسى الذين اشتبكوا مع مقاتلي داعش.

وأظهرت صور وزعتها وزارة الدفاع العراقية العشرات من الشاحنات الصغيرة وسيارات أخرى محملة بالأسلحة الثقيلة والأعتدة. وتحمل الشاحنات كذلك براميل وقود ومواد تموين ومولدات كهربائية وفرشا وأغطية.

ونفى رئيس الوزراء حيدر العبادي نفيا قاطعا ادعاءات البعض بالسماح لعناصر داعش بالخروج من الفلوجة ووجود حوار معهم، معتبرا أن ذلك “يعد جريمة في حق الشعب العراقي والنازحين والمقاتلين”.

وقال مراقبون إن العبادي قد يكون خالي الذهن من وجود ترتيبات تمت دون علمه تسمح لما تبقى من مقاتلي داعش بالانسحاب باتجاه الصحراء، وفي نفس الوقت تسمح للقوات العراقية ومقاتلي داعش بإعلان البدء في معركة الموصل واستثمار ذلك إعلاميا.

ولتطويق تسرب خبر الاتفاق مع داعش على الانسحاب، ركز الإعلام المرتبط بالحكومة العراقية وبالأحزاب الدينية المسيطرة عليها على ضربات جوية استهدفت رتل داعش والخسائر التي تعرض لها.

وقال العميد يحيى رسول، المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، إن طيران الجيش العراقي استهدف “رتلا كبيرا لعناصر داعش (…) ضم أكثر من 500 عربة محملة بالأسلحة”، ما أدى إلى تدمير 260 من هذه الآليات.

وأضاف أن الطيران قصف “أحد الأماكن التي اختبأ فيها قسم من الذين استطاعوا التملص” من الضربات، موضحا أن عمليات القصف أدت إلى مقتل “حوالي 150 عنصرا من التنظيم الإرهابي”.

وبحسب العمليات المشتركة، فإن طيران التحالف لم يشترك في بداية الأمر في عمليات القصف، لكنه اشترك صباح الأربعاء.

وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي لوكالة الصحافة الفرنسية إن “التحالف الدولي رفض المشاركة وتحجج بوجود عائلات” في القافلة.

وأضاف “بعد رفض التحالف استهدافهم، تم توجيه طيران الجيش العراقي بملاحقتهم. ورغم رداءة الأجواء تم تدمير عدد من عرباتهم وقتل عدد كبير منهم، والآن قسم من الهاربين تلاحقهم طائراتنا وهم لا يزالون داخل الأراضي العراقية”.

وتحاول الرواية الرسمية العراقية الالتفاف على حقيقة وجود هذا العدد الكبير من السيارات والمقاتلين الذين شرعوا في الانسحاب بشكل جماعي يوحي بوجود ترتيبات رسمية وعلى أعلى مستوى، وإلا لكان اعتمد أسلوب التسلل بمجموعات محدودة.

ومن الواضح أنها تحاول إلقاء المسؤولية على كاهل الأميركيين لإبعاد أي شكوك عن دور القوات العراقية وميليشيا الحشد في مثل هذه الترتيبات.

ولا يخفي مراقبون عراقيون قناعتهم بوجود جهات رسمية وشبه رسمية في العراق تدعم استمرار داعش، ولذلك تسمح لعناصره بالانتقال من مدينة إلى أخرى وتسمح بوصول الأسلحة إليه، لأن ذلك يخدم خطابها الذي يعارض الحديث عن الإصلاحات في ظل الحرب على داعش.

والمشكلة في المعركة مع داعش أن الجيش والحشد لا يريدان المواجهة التامة ويتركان دائما الثغرات لهروب عناصر داعش كنوع من تأجيل المعركة. والحماس الذي تبديه الأطراف العراقية لهذه الحرب، هدفه عدم الاصطدام بالولايات المتحدة التي تبدو متمسكة بحسم ملف داعش في العراق وسوريا في نفس الوقت، لكنها ستعمل على إدامة الصراع بالسماح لداعش بالتقاط أنفاسه.

وقال مراقب سياسي عراقي في تصريح لـ”العرب” إن الخروج الآمن لداعش من الفلوجة يلقي الضوء على الدخول الآمن للتنظيم قبل سنتين إلى المدن العراقية ومن ضمنها الفلوجة. وذلك يعني أن الجهة التي سمحت لداعش بالخروج هذه المرة هي عينها الجهة التي فتحت له الأبواب واضعة مصير المدن ذات الأغلبية السنية بين يديه وتحت رحمته.

وتساءل المراقب العراقي “إذا كان الاتفاق مع داعش ممكنا وبهذه الطريقة السلسة التي تسمح بخروج المئات من مسلحي التنظيم بأسلحتهم من المدينة آمنين فلمَ تعرضت المدينة للتدمير الذي أدى إلى تشريد سكانها؟

وخلص المراقب إلى التأكيد على أن داعش لم يكن سوى ذريعة مفتعلة، استطاع أمراء الميليشيات الشيعية من خلالها أن يحققوا أهدافهم في إفراغ الفلوجة من سكانها.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

561 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع