ريـبــورتـــاج: سوق الألبان العراقي يشهد منافسة أجنبية حامية

             

ريـبــورتـــاج: سوق الألبان العراقي يشهد منافسة أجنبية حامية

المدى:تمعّن أبو طيف بما معروض في الثلاجة من انواع الحليب والأجبان المستوردة باحثا عن النوع الذي اوصته به زوجته، لكنه لم يجده. استفسر من صاحب المحل، الذي اجاب : لا أتعامل بهذا النوع من الحليب. دون ان يسأل عن السبب كانت نبرة البائع واضحة.

تدارك أمره متجها الى محل آخر عسى ان يجد ضالته وكانت ذات الاجابة .. وثالث ورابع، حتى جزع ليعود الى سيارته في الساحة القربية من السوق دون ان يشترى شيئا مع خسارة ثلاثة آلاف دينار أجرة الوقوف لربع ساعة في ساحة وقوف مجازة من امانة بغداد يفترض انها تعمل بالسعر المحدد "الف دينار".

قرب احدى الاشارات الضوئية لفت نظر أبي طيف إعلان كبير فوق سطح احدى البنايات يشير الى توفر حليب (كاله) بنوعية جديدة وسعر مناسب. طوال توقفه وهو يمعن بالإعلان تذكر صندوق الحليب المعقم الذي غالبا ماكان يقبع تحت سلم (درج) البيت ، اذ كانت كل عائلة عراقية تحرص على وجود هذا الصندوق بجوار آخر للبيبسي. فُتحت الاشارة الضوئية ومازال ابو طيف يستذكر ايام الحليب المعقم وجبنة ابو غريب ومذاق الكراش والمشن.
قبل ان يهم بالدخول الى منطقة سكنه واذا بإعلان ضوئي كبير يشير الى تخفيض جديد بسعر حليب المراعي من 2000 دينار الى 1500 دينار، استغرب سبب ذلك التخفيض المفاجئ الذي جعله يستدير ويركن سيارته امام (سوبر ماركات) كبير، أغرته المعروضات وأسعار التخفيض بالتسوق، حتى وصل الى الثلاجة الخاصة بالحليب والأجبان ليجد كل الانواع متوفرة (السعودية / الكويتية/ الإيرانية/ الإمارتية) ، ولأنه يئس من الحصول على المنتوج العراقي اشترى نوعية تنتج في اقليم كردستان.
في محال بيع الجملة في سوق بغداد الجديدة يتسوق باعة المفرد انواعا عدة من الحليب والاجبان، كل واحد منهم يفضل نوعية معينة حسب زبائنه ومنطقته. ابو مصطفى يقول: اتعامل بشتى الانواع نزولا عند رغبة الزبائن ، فمنهم من يبحث عن النوعية الجيدة وآخر عن المناسبة بالسعر.
إلا أن حسن يفضل التعامل بأنواع معينة من الحليب إذ أبدى تحفظه على انواع اخرى سواء أكان بسبب الجودة او فترة الانتهاء. وهو متاسف لغياب المنتوج العراقي من السوق، مطالبا الجهات المسؤولة بضرورة العمل على اعادة انتاج الحليب المعقم كما كان في السابق.
في اكثر من مناسبة ، اعلنت وزارة الصناعة والمعادن ان ملاكاتها أنجزت أعمال تشغيل مصنع ألبان الفرات لانتاج الحليب المعقم بعبوات بلاستيكية سعة 330 ملغم وبطاقة انتاجية (20) الف طن في معمل ابو غريب بعد ان تم تطوير نوعية الانتاج وتحديث طرق التعبئة باستعمال التكنولوجيا الحديثة اضافة الى استعمال مكائن التعبئة بالتشكيل الحراري لخطوط انتاج اللبن والجبن والزبد لغرض منافسة المنتج المستورد وتحويلها الى منتجات ذات امد طويل .
الشركة العامة لصناعة الألبان تاْسست  عام 1958  وبدأت في مصنع ابو غريب وتم انشاء مركزين لجمع الحليب الخام وجلبه بعد تبريده الى مصانع الشركة من منطقتي ابو غريب والفضيلية وشهدت الشركة تطورات متسارعة من خلال انشاء مصانع جديدة في اغلب مدن البلاد، مع حرصها على توفير مادة الاعلاف المدعومة للفلاحين ومربي الابقار والجاموس من اجل تزويد الشركة باكبر كمية من الحليب، الا ان الشركة اضطرت في عامي 1987 و 1988 الى بيع معظم مصانعها والابقاء على اربعة متمثلة بمصنع البان ابو غريب والموصل والديوانية ومعمل حليب الاطفال دون ان يطرأ  اي تحديث على خطوطها الانتاجية منذ ثمانينات القرن الماضي حتى يومنا رغم تخصيص مليارات الدنانير لتطوير الصناعة العراقية ومنها صناعة الألبان.
في منطقة الفضيلية المعروفة بتربية الجاموس يتوسط ابو صادق ،مربي جاموس، داره وهو يعد اوعية الحليب التي وصلت الى حدود العشرين وكل وعاء يحوي قرابة 15 الى 20 لتر حليب يتم بيعه لبعض اصحاب محال المواد الغذائية. عن كمية انتاج كل جاموسة يقول المربي ان إنتاج كل جاموسة يترواح بين 8- 18 كيلو غراما في اليوم، اذا كانت تتمتع بتغذية جيدة من الاعلاف خاصة الخضراء منه. مبينا: ان موسم الحليب يمتد من 180- 300 يوم حسب قوة وعمر الجاموسة. كما بين ابو صادق انه بالامكان تزويد اي معمل انتاج البان بكميات كبيرة من الحليب، مستذكرا ايام مدينة الذهب الابيض ابو غريب ومعملها والحليب المعقم الذي تذوقه للمرة الاولى، بعد ان كان معتادا على الحليب "البكر" كما يسميه.
بهذا الصدد أثير قبل ايام موضوع توافد مربي الجاموس برفقة 8000 رأس الى مدينة سامراء لوفرة الماء والزراع ، وبعيدا عن الحسابات الاخرى فلو افترضنا ان نصف العدد اناث ينتجن بمعدل 10 لترات فهذا يعني ان هناك قرابة 40000 الف لتر من الحليب يمكن زيادتها الى اضعاف العدد لو توفر معمل لانتاج الحليب والاجبان بالقرب من مناطق رعي وتربية الجاموس.
مرة اخرى تشهد السوق العراقية منافسة لبضائع اجنبية متمثلة هذه المرة بالحليب المعقم والسبب ،ومثل كل مرة، غياب المنتوج العراقي الذي ابتعد عن رفقة العائلة العراقية في إفطارها اليومي منذ بداية التسعينات تقريبا والى الآن فإن الكثير من تلك العوائل مازالت محتفظة بصناديقه عسى ان يعود ذات صباح برفقتهم.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

984 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع