لندن أمام اختبار تولي أول مسلم إدارتها

 

     صادق خان وزوجته قبل تسلم المنصب الكبير
يتجهز صادق خان لأن يكون أول مسلم يتقلد منصب عمدة لندن على الرغم من محاولات المحافظين الربط بينه وبين المتطرفين في بلاده، وتمنح استطلاعات الرأي أفضلية كبيرة للعمالي خان مقابل خصمه زاك غولدسميث مع أن برامجهما الانتخابية متقاربة إلى حد بعيد.

العرب/لندن- أدلى الملايين من سكان لندن، الخميس، بأصواتهم لانتخاب رئيس بلدية جديد بعد معركة حامية بين مرشحين بارزين أحدهما صادق خان المسلم ابن سائق الحافلة من أصل باكستاني، ما يشكل دليلا مثاليا على التعددية الثقافية في العاصمة البريطانية.

وأعطت استطلاعات الرأي صادق خان (45 عاما) تقدما بأكثر من عشر نقاط على منافسه المحافظ المليونير زاك غولدسميث.

ويؤكد محللون أن صادق خان النائب عن حي شعبي في جنوب لندن يتمتع بأفضلية كبيرة لخلافة رئيس البلدية الذي يحظى بشعبية بوريس جونسون (حزب المحافظين) ليصبح أول رئيس بلدية مسلم لعاصمة غربية كبرى. وحول هذه المسألة قال خان، الأربعاء، “أنا فخور بأنني مسلم”.

لكنه أضاف “أنا لندني، أنا بريطاني (..) لدي أصول باكستانية. أنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا”.

وتابع “لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنيا من أي معتقد أو بلا معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا فقط، بل نحترم بعضنا ونحتضن بعضنا ونحتفي ببعضنا. هذه إحدى المزايا العظيمة للندن”.

وولد خان في أكتوبر 1970 من عائلة باكستانية هاجرت حديثا إلى بريطانيا، ونشأ مع أشقائه وشقيقاته الستة في توتينغ، الحي الشعبي في جنوب لندن.

ويقول محللون إن ماضيه المتواضع يصب في صالحه في عاصمة تميل إلى اليسار وتفاخر بتعددها الثقافي.

وكان يرغب في بادئ الأمر في أن يدرس العلوم لكي يصبح طبيب أسنان، لكن أحد أساتذته لمس براعته في النقاش والمواجهة ووجهه نحو دراسة القانون. بالتالي درس المحاماة وتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان وترأس على مدى ثلاث سنوات منظمة “ليبرتي” غير الحكومية.

وفي سن الـ15 عاما انضم إلى حزب العمال وانتخب عضوا بلديا في واندسوورث في جنوب لندن عام 1994، المنصب الذي تولاه حتى 2006. وفي 2005 تخلى عن مهنته كمحام وانتخب نائبا عن توتينغ. وبعد ثلاث سنوات عرض عليه غوردن براون منصب وزير مكلف بشؤون المجموعات ثم حقيبة النقل في السنة التالية. وأصبح أول مسلم يتولى حقيبة في حكومة رئيس وزراء بريطاني.

وردا على المحافظين الذين يحاولون إسقاطه عبر اتهامه بالتقارب مع المتطرفين، يقول إنه صوت لصالح زواج مثليي الجنس ما أدى إلى تلقيه تهديدات بالقتل، وإنه لا يزال يندد بالتطرف مشبها إياه بالسرطان.


وقال خان الذي يبدو أنه يحظى بشعبية في الأحياء الفقيرة كما في أوساط المال بسبب مواقفه المؤيدة للبقاء في أوروبا، لصحيفة “ديلي تلغراف”، “إذا انتخبت، سأكون رئيس البلدية الذي يوحد مدينتا مجددا، سأعمل من أجل كل اللندنيين من كل الأديان لكل أصحاب المليارات وسائقي الحافلات ومتدربي الطب”.

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تصب في مصلحة خان، فإن توني ترافرس، الأستاذ في معهد لندن للاقتصاد، كتب في صحيفة “ايفنينغ ستاندرد”، “لا يمكن القول إن الأمور محسومة”، مضيفا أن نسبة المشاركة ستكون حاسمة، وقال “كلما كانت أضعف، كلما كان ذلك في مصلحة زاك غولدسميث”.وتلقى زاك غولدسميث (41 عاما) دروسه في كلية ايتون العريقة، لكن كل هذا قد لا يكون كافيا لجعله قريبا من الناخبين ومشاكلهم اليومية.

وبدا غولدسميث غير قادر خلال الحملة الانتخابية على الرد على بعض الأسئلة التي طرحتها صحافية من هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” حول لندن مثل اسم محطة مترو أو مواقع ملاعب كرة القدم أو متاحف.

وزاك هو نجل الملياردير جيمي غولدسميث واعتاد على الظهور في مجلات المشاهير إلى جانب شقيقته جميما الزوجة السابقة لنجم الكريكت الباكستاني عمران خان قبل أن يدخل معترك السياسة.

وفي سن الـ16 عاما، طرد من ايتون، الممر الإلزامي لكل أبناء العائلات العريقة بتهمة اقتناء حشيشة الكيف. وسافر ثم انتهى به الأمر بإدارة مجلة عمه “ذي ايكولوجيست”.

وقادته علاقاته إلى دخول المعترك السياسي، وفي العام 2010 انتخب نائبا عن المحافظين في دائرة ريتشموند بارك ثم أعيد انتخابه في العام 2015. وردا على الذين يتساءلون حول نقص خبرته المهنية يقول مدير حملته الانتخابية نيك دو بوا إنه من الأفضل “الحكم على الأفعال. لقد قام زاك بتحسين وضعه بصفته نائبا عن ريتشموند”. وأضاف أنه من الأفضل أن تحظى لندن برئيس بلدية يمكنه العمل مع حكومة المحافظين.

وحاول غولدسميث على مدى أشهر ربط خان، بالمتطرفين، الاتهام الذي كرره رئيس الوزراء كاميرون، الأربعاء، أمام البرلمان.

وذهبت صحيفة “مايل اون صاندي” المؤيدة للمحافظين أبعد من ذلك حيث عنونت قبل أيام “هل فعلا سنسلم أروع مدينة في العالم إلى حزب يقول إن الإرهابيين أصدقاء؟” لكن محللين يعتبرون أنه في مدينة تعد 30 بالمئة من غير البيض ومعروفة بالتسامح والتنوع الثقافي قد تترك هذه الاستراتيجية أثرا عكسيا. ووعد المرشحان بمواجهة المشاكل الملحة للعاصمة، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار المساكن ووسائل النقل المكتظة والتلوث.

وأحد أبرز الفروقات بينهما يتعلق باستفتاء 23 يونيو حول مكانة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وفيما يدعو غولدسميث إلى الخروج من الاتحاد، ينادي منافسه بالحفاظ على الوضع الراهن.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع