الحرب على داعش في العراق بين الانتصارات اللفظية والانتكاسات العسكرية

    

جريدة العرب/بغداد - بين تصريحات الساسة العراقيين المعلنة عن انتصارات سابقة لأوانها على تنظيم داعش، وما هو متحقّق بشكل عملي على الأرض فوارق كبيرة يبرزها عجز القوات المسلحة على صد هجمات التنظيم في بغداد وصلاح الدين والأنبار، وتؤكدها الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين والعسكريين على حدّ سواء.

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي دخول الحرب على داعش في بلاده مرحلة حاسمة تتمثل بالقضاء النهائي على التنظيم.

ويأتي كلام العبادي متناقضا مع ما يجري من وقائع على الأرض، حيث تبدو الحرب على التنظيم بصدد مراوحة مكانها، فيما تواجه القوات العراقية المدعومة بميليشيات الحشد الشعبي ومقاتلين من العشائر إشكالات تنظيمية تمنعها من إحراز تقدم ملحوظ، بل حتى من الحفاظ على ما سبق تحقيقه.

وفي المقابل يواصل تنظيم داعش إلحاق خسائر جسيمة بالقوات المقاتلة له وبالمدنيين على حد سواء، وينجح في إشعال الجبهات في مناطق سبق وأن أعلن عن استعادتها من يده، على غرار محافظة صلاح الدين، وفي اختراق مواقع شديدة التحصين على غرار العاصمة بغداد.

ونقل بيان حكومي أمس عن العبادي قوله خلال ترؤسه اجتماعا ضم وزراء أمنيين ومسؤولين محليين من محافظة الأنبار “إن مجرمي داعش يحاولون التأثير على الانتصارات التي يحققها أبطالنا، والهزائم التي مني بها التنظيم الإرهابي من خلال استهداف بعض المناطق الهشة”.

وتضمّن كلام العبادي إشارة إلى سيطرة تنظيم داعش على سد ناظم الثرثار الواقع على نهر الفرات شمال قضاء الكرمة في محافظة الأنبار وقتله 142 من عناصر الجيش وحلفائه بينهم ضباط كبار.

وتسببت الحادثة بإرباك شديد للحكومة العراقية، وعدّها الإعلام العراقي، وخصوصا غير الرسمي، نموذجا عن تعثّر العملية العسكرية التي أعلن عن تدشينها في المحافظة.

ودفعت مجزرة الثرثار رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أمس إلى الإعلان عن أن المجلس سيستدعي القادة العسكريين المسؤولين عن الحادثة، متوعّدا بأن لجنة الأمن والدفاع النيابية ستتخذ الإجراءات القانونية المناسبة من أجل الوقوف على ملابسات القضية.

وفي تصريح منفصل معبّر عن الإحباط قال الجبوري “إننا لا نرى في نشرات الأخبار إلا ما هو مؤلم ويدعو إلى اليأس والإحباط ويحاصر الأمل في النفوس”.

وتمكّن تنظيم داعش في عملية مفاجئة من السيطرة بشكل كامل على مقر اللواء الأول التابع للفرقة الأولى والذي يضم أيضا قوات تابعة للجيش العراقي، والمكلف بحماية ناظم الثرثار الواقع بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين والمحاذي لقضاء الكرمة الواقع على بعد حوالي خمسين كيلومترا غرب العاصمة بغداد.

وقتل التنظيم في العملية 90 عنصرا من الجيش العراقي ومن كتائب حزب الله العراقي المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي. ومن بين القتلى العميد حسن عباس طوفان قائد الفرقة الأولى من قوات التدخل السريع والعقيد هلال مطر آمر اللواء الأول فيها وعدد آخر من الضباط.

كما تمكن التنظيم من أسر 52 عنصرا آخر من الجيش بينهم ضباط، ونقلهم إلى وسط قضاء الكرمة الخاضع لسيطرته وقام بنحرهم أمام الناس ليصبح العدد الكلي للقتلى 142 ما بين جندي وضابط قتلوا على يد التنظيم في هذه العملية.

كما غنم التنظيم من مقر اللواء الأول كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة من بينها دبابات ومدرعات.

وفي مظهر آخر عن قدرة تنظيم داعش على المبادرة وامتلاكه وسائل مواصلة الحرب، تمكن مقاتلوه من إسقاط طائرة مروحية في منطقة ذراع دجلة شمال الكرمة، بعد استهدافها بصاروخ حراري متطور، وقاموا بأسر طيارها.

وفجّر داعش أمس أربع عربات نوع هامر مفخخة على قوة تضم قائد الفرقة الأولى في ناظم التقسيم شمال غرب الفلوجة، ما أدى إلى مقتل 13 ضمنهم قائد الفرقة وآمر لواء آلي 38 وجرح 23 وفقد ثمانية عناصر.

ولا يكتفي تنظيم داعش بخوض الحرب في محافظة الأنبار بل أثبت قدرته على نقل المعارك ومشاغلة القوات في بغداد وفي مناطق من محافظة صلاح الدين سبق وأعلن عن استعادتها من يده.

وأفاد أمس مصدر أمني في المحافظة بأن قوة تابعة لميليشيا بدر معززة بدبابات أبرامز صدت هجوما لداعش استهدف الناحية الغربية لمنطقة سيد غريب جنوب مدينة تكريت مركز المحافظة.

كما شهدت ذات المحافظة أمس قيام داعش بإحراق مستودعات للنفط كان سيطر عليها في بيجي شمال تكريت. ومصفاة بيجي بحد ذاتها من المنشآت التي أعلن منذ أيام عن استعادتها بالكامل من مقاتلي تنظيJم داعش.

وقال الضابط أحمد إبراهيم من قيادة عمليات صلاح الدين أمس إن التنظيم شن هجوما كبيرا من الجهتين الشمالية والشرقية للمصفاة مما أدى إلى حدوث اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة أدت إلى تراجع التنظيم إلى القواعد التي انطلق منها.

وتابع أن “الهجوم تم من جهة منطقة الفتحة من الشرق ومن جهة الشمال من منطقة معمل الأسمدة الكيميائية فضلا عن وجود عناصر ما زالت مختبئة في بعض بنايات المصفاة”.

وتعد مصفاة بيجي من أكبر مصافي تكرير النفط الخام في العراق وتنتج حوالي 300 ألف برميل يوميا أي ما يعادل نصف احتياجات العراق من المحروقات النفطية. ورغم ما تحظى به العاصمة العراقية بغداد من جهد أمني كبير وحماية مشدّدة ترصد لها مقوّمات بشرية ومادية ضخمة، فإن تنظيم داعش ما يزال قادرا على اختراق المدينة.

وقتل أمس ما لا يقل عن تسعة أشخاص وأصيب العشرات بجروح في تفجير ثلاث سيارات مفخخة في أنحاء متفرّقة من العاصمة.

وفي مناطق متفرّقة من عقوبة الواقعة على بعد ستين كيلومترا شمال شرق بغداد أعلن أمس عن مقتل 22 مدنيا وإصابة حوالي أربعين آخرين في انفجار ثلاث عبوات ناسفة. كما أعلن عن العثور على 12 جثة مجهولة الهوية لأشخاص يعتقد أن تنظيم داعش قام بإعدامهم بطلقات في الرأس.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

733 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع