أيام أفلام السينما العراقية تنتهي بنتيجة: ليست أفلاما

    

ايلاف/ عبدالجبار العتابي/بغداد: انتهت ايام الافلام السينمائية التي انتجت ضمن مهرجان بغداد عاصمة للثقافة العربية والتي استمر عرضها نحو شهرين، وخرج الفنانون والنقاد والمعنيون وهم مليئون بالاحباط ويسخرون من المليارات التي صرفت عليها !!

بعد اسابيع عدة من العروض والجلسات النقدية في قاعة المسرح الوطني ببغداد،خاب ظن الجميع بما تم انتاجه، لم يظهر من المجمل العام للافلام الـ 34 على اختلافها ما بين روائي طويل وقصير ووثائقي، ما تم الرضى عنه رضى متفقا عليه، بل ان الجميع خرج اما ساخرا او يكيل الشتائم واللعنات ويتأسف على ضياع المليارات هباء من اجل حفنة (مواد فلمية) لا تصلح ان تكون تمثيليات تلفزيونية، فيما وجد البعض نفسه غير قادر على الكتابة عن الافلام لان هناك من سيغضب اذا ما جاءت الكتابة عن فلمه سلبية، وهنا محاولة للنظر فيما كانت عليه ايام الافلام التي كانت لها حسنة وحيدة وهي جمع اكبر عدد من عشاق السينما جمهورا ونقادا وفنانين واعلاميين.

مواد فلمية

فقد اكد الفنان جبار الجنابي ان فيلمين فقط اعجباه، وقال: افضل فيلم بالنسبة لي هو تحت رمال بابل للمخرج محمد الدراجي، فهو جيد بمعنى الكلمة ليس لان فيه سينما متكاملة بل لان فيه اضافة من عنديات المخرج واعطيه نسبة 100%،ويأتي من بعده فيلم علي حنون (سر القوارير) وان كانت لدي بعض الملاحظات على استخدامه للمؤثرات والاطالة ولكنه فيلم متكامل وانتج نجوما مثل امير البصري، ولاول اشاهد الفنان مازن محمد مصطفى بشكل نجم متكامل حافظ على شخصيته حتى النهاية،واعطيه نسبة 75%، اما الفلم الثالث فهو (صمت الراعي) للمخرج رعد مشتت،فيحسب له التصوير والموسيقى التصويرية والادارة الفنية.
واضاف: اما البقية الباقية من غير الافلام الثلاثة فيمكن ان نسميها مواد فلمية.

محكمة ثقافية

اما الدكتور ماجد الربيعي، الاستاذ في كلية الفنون الجميلة، فقد اكد ان غالبية الافلام سيئة، وقال : يأتي فلم صمت الراعي في المقدمة،فهو فيلم سينمائي، وقياسا للسينما ممكن ان اعطيه نسبة جودة 80% لانه ممتاز وفيه لغة على الرغم من الملاحظات عليه، ويأتي فيلم محمد الدراجي تحت رمال بابل بالمرتبة الثانية فهو ممتاز وفيه صنعة سينمائية ولغة واعطيه نسبة 75%،فيما وجدت ان فيلم سر القوارير يأتي بالمرتبة الثالثة،ولانني عضو في لجنة فحص الافلام قلت ان الفيلم لو حذف منه نصف ساعة لما تأثر لان هناك مشاهد ليست لها ضرورة،واعطيه نسبة 70%.

واضاف: نحتاج الى (حاوية نفايات) وعذرا لهذا التعبير،من اجل رمي عشرة افلام تماما،ولديّ مقترح وهو ان بعض هذه الافلام لا يشرف السينما العراقية فلا يوضع اسم فلم او مخرج ضمن تاريخ السينما العراقية، ويجب ان لا نسمح لاي كان يكون ضمن المنظومة الجميلة للافلام العراقية،حيث اغلب هذه الافلام يصنف ضمن الدراما التلفزيونية وبعضها لا يستحق التوصيف التلفزيوني بل ربما هو دراما اذاعية لا اكثر،واعتقد ان انتاج هذه الافلام هو سرقة لان هذا المال عام وكنت اتمنى ان يمنح بعض هذه الاموال للمخرجين الشباب،واتمنى ان تكون هناك محكمة ثقافية لمحاكمة المخرجين وعلى رأسهم فيصل الياسري الذي ارجو ان يكون عليه نوع من الحظر مستقبلا لانه اساء لنفسه وللسينما العراقية وللمشروع.

سطحية جدا وبائسة

اما الناقد والاستاذ في كلية الفنون الجميلة احمد جبار  فقال: هناك جملة بليغة جدا قالها المخرج المصري صلاح ابو سيف من كتاب له بعنوان (كيف تكتب السيناريو) يقول فيها (الحكاية الفلمية يجب ان تكون مستحيلة ولكن محتملة الوقوع)،هذه الجملة غابت عن الكثير من صناع افلام مهرجان بغداد عاصمة للثقافة العربية لجهلهم في كتابة فن كتابة السيناريو،لذلك كان اغلب الافلام الروائية الطويلة عبارة عن صفقات،لكن الذي منحني فسحة من الامل ان تكون لدينا سينما عراقية متقدمة ان الافلام البائسة لم تكن  من انتاج دائرة السينما والمسرح التي انتجت فيلمين كان تحفتين فنيتين هما: صمت الراعي وسر القوارير، اللذان ارتقيا بالسينما العراقية الى مصاف السينما العربية،فكانا متقدمين على مستوى الشكل والسرد واللغة السينمائية وهما الوحيدان اللذان يستحقان الاحترام.

واضاف: اما الافلام الاخرى فهي سطحية جدا وبائسة ولا علاقة لها بالسينما ولا بالتمثيليات التلفزيونية.

لا يوجد راي نقدي

من جانبه اكد الناقد كاظم السلوم الى ظهور ممثلين جيدين، وقال: بعض الافلام كان فيها نوع من الاشتغال السينمائي لكن الرأي النقدي يفترض ان يخضع لمعياريه نقدية عالمية تعتمد في هوليوود وكان وبرلين، وكل الافلام التي شاهدتها على مدى شهر لا تتوفر على هذه المعيارية حتى يوضع رأي نقدي متكامل عن اي فيلم من هذه الافلام.

واضاف: ما لفت نظري في بعض الافلام ان هناك ممثلين ادوا بشكل جيد ومن الممكن ان يكونوا ممثلين سينمائيين مثل همسة وامير البصري وسنان العزاوي لان في التمثيل فيه مستويين،الاول على السطح الذي نشاهده والثاني الاسفل الذي له علاقة بالاحساس، وهذا لا يتوفر عليه الممثل العراقي فهو يمثل امام الكاميرا وكأنه ينقل الحدث لكن الاحساس الكامل بالحدث لا يتوفر عليه الممثل العراقي الذي قام بمتثيل هذه الافلام السينمائية،علما اننا لا يتوفر لدينا ممثل سينمائي وكذلك لا نتوفر على مخرج سينمائي، فكل الذين اخرجوا الافلام ليسوا مخرجين سينمائيين،كما لا نتوفر على مونتير سينمائي حقيقي، ومع ذلك هذه الافلام سميت افلام سينمائية وربما انا اعترض على هذه التسمية، لكن على العموم كان المهرجان جميلا وجمع الذين يعملون بالفن وهو خطوة لبناء سينما عراقية جديدة.

خيبة امل

اما المخرج ثائر عبد علي فقد وجد ان اغلب هذه الافلام كانت من اجل السرقة، وقال: اعجبني من الافلام الروائية الطويلة فيلم (سر القوارير) الذي اضعه في المرتبة الاولى لانه منضبط اخراجيا بشكل عام ثم (صمت الراعي) للغته السينمائية الجيدة على الرغم من الهفوات وبعده فيلم (بحيرة الوجع) للمخرج جلال كامل، وهذه الافلام الثلاثة اعتمدت على القضية الجنوبية وفيها حصر  المخرج كل ادواته باستديو واحد، فيصور ويعيد على راحته ولا احد يضايقه، واعتقد انهم لو عملوا داخل بغداد لما استطاعوا ان يحققوا اي نجاح، ومن الممكن الاشارة الى فيلم (الكعكة الصفراء) للمخرج طارق الجبوري واعتباره محاولة جيدة لشباك التذاكر ولكن ان يصنع هكذا فيلم من قبل استاذ جامعي مثل الجبوري الذي امضى نحو 25 سنة في تدريس طلبة الاخراج فهذا يعطي مبررا لغياب السينما العراقية ولعدم وجود طلاب امتهنوا الاخراج ونجحوا، فالفيلم عبارة عن لقطات مأخوذة من افلام عالمية ولا وجود للهوية العراقية.
واضاف: اما الافلام الباقية فلا ينطبق عليها اسم فيلم وانما تمثيليات من ناحية تحريك الكاميرا والعناصر وحجوم اللقطات وبالذات الافلام التي انتجتها الفنانة هناء محمد وشقيقها غسان محمد التي كانت عبارة عن حلقتين من مسلسل كلفت الدولة اربعة مليارات و300 مليون دينار عراقي، وهناك افلام تنتمي للمسرح، اضافة الى فيلم فيصل الياسري الذي كان خيبة امل كبرى لنا، مثلا هناك افلام عملت من اجل الربح المادي وسرقة المال.

لا يوجد سيناريو

مسك الختام مع رأي الدكتور طه الهاشمي الاستاذ في كلية الفنون الجميلة الذي قال: لم اشاهد الافلا جميعا لكنني ارى ان بين الافلام التي شاهدتها وفلم صمت الراعي مسافة طويلة جدا، لان فيه اشتغالا سينمائيا حقيقيا لعناصر اللغة السينمائية وللسرد وللشكل، لدي اعتراضات هنا وهنا وهنا ولكنه افضل الموجود.

واضاف: لا تسألني كيف يكون النموذج، بل نحن نحكي عن واقع وافلام مادية محسوسة، لذلك انا لا ارشح اي فلم اخر، لان اي فلم فيه عمل سينمائي لم يلفت انتباهي، فالمشكلة الكبرى في كل الافلام بما فيها صمت الراعي عدم وجود نص سينمائي متكامل، لايوجد سيناريو، ولدينا ضعف كبير في كتابة النص السينمائي لكي نحوله الى صورة والسبب في هذا لاننا لا نهتم بهذا الموضوع، وهذا هو الذي جعل الخط الدرامي في فلم مثل صمت الراعي غير واضح.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

686 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع