وفقَدَ العراق عالماً آخر: سالم الآلوسي في ذمة الله

    

وفقَدَ العراق عالماً آخر: سالم الآلوسي في ذمة الله

  

                          صديق المجلة الدائم

إنتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الثلاثاء 16-12-2014 الأستاذ المؤرخ سالم الآلوسي تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته كان صديقاً وفياً وجاراً عزيزاً.. تعلمنا منه وانتفعنا بعلمه الغزير.. وهكذا يفقد العراق كل يوم واحداً من رموزه العلمية والثقافية والادبية..
نبذة عن حياته:
ولد الآلوسي في بغداد عام 1925 من أسرة تنحدر من السلالة الالوسية الحسينية العلوية، وفي احدى المحلات البغدادية القديمة، وهي محلة سوق حمادة في منطقة الكرخ وتلقى التعليم في بداية حياته عن طريق (الكتاتيب) وعلى يد الملا عواد الجبوري (رحمه الله) وختم القرآن الكريم عنده وبعدها تم قبوله في الصف الثاني في مدرسة الكرخ الابتدائية لكونه كان يجيد القراءة والكتابة بفضل تعلمه في الكتاتيب  ويتذكر الراحل أن أول كتاب اهدي له في تلك الفترة اي خلال مرحلة الدراسة الابتدائية تقديراً لتفوقه ونجاحه بامتياز، كان من احد المعلمين وهو الاستاذ حمدي قدوري الناصري وكان عنوانه (مجاني الادب، للأب لويس شيخو) وهو من الكتب المعتبرة في الادب واللغة وله الفضل في دراسته للغة العربية.. ومن الاساتذة الذين يذكرهم الراحل باستمرار: كل من مدير مدرسته الاستاذ صالح الكرخي، والاستاذ عزت الخوجه اللذين يدين لهما بالفضل والعرفان.
ثم انتقل الآلوسي الى الدراسة المتوسطة واكملها في بداية الاربعينيات وبعد دخوله الاعدادية الفرع العلمي واكملتها بنجاح باهر كان ينوي دخول كلية الطب او الهندسة ولكن ظروفه المعيشية الصعبة حالت دون ذلك مما دفعه للبحث عن وظيفة وترك اكمال الدراسة في الجامعة، فقرأ حينها اعلاناً في صحيفة (البلاد) التي كان يديرها المرحوم روفائيل بطي وفحواه ان دائرة الاثار تطلب تعيين دليل متحف. وبعد تقديمه لها ونجاحه في الامتحان الخاص بها من بين اكثر من اربعين متقدماً تم تعيينه في دائرة المتحف العراقي التي كانت في شارع المأمون ضمن (بناية المتحف البغدادي) حالياً, وكانت تسمى مديرية الاثار القديمة وقد استبدل اسمها العلامة الراحل مصطفى جواد الى (مديرية الآثار).
ويذكر الاستاذ الراحل الالوسي بشرف ان يكون فيما بعد احد تلامذة العلامة مصطفى جواد اضافة الى كونه امضى اكثر من عشرين عاماً في مديرية الاثار.
وفي عام 1945 أسس مدير الاثار العام حينذاك الدكتور ناجي الاصيل مجلة (سومر) وكانت دائرة الاثار اشبه بالمجمع العلمي، حيث كان يجتمع فيها نخبة خيرة من العلماء الكبار من بينهم العلامة طه باقر وفؤاد سفر ومصطفى جواد واساتذة معروفين مثل ناصر النقشبندي وكوركيس عواد وبشير فرنسيس وفرج بصمچي. وكان لهؤلاء الفضل في تأسيس وترسيخ المدرسة الاثارية العراقية التي كانت حكراً على الاجانب في ما يخص الآثار والتنقيبات..
ويسترسل الآلوسي في حديثه قائلاً: وهذه قضية ومسألة مهمة ربما لم يلتفت اليها احد سابقاً وان كان قد بدأها الاستاذ ساطع الحصري ولكن توسعت على يد هذه الجماعة فبدأت على أثر ذلك الحفريات تأخذ من الاتساع والاهتمام شكلاً آخر في معظم مناطق العراق ومنها في الموصل والاخيضر وسامراء وواسط وغيرها سواء كانت اسلامية او غير اسلامية. وكنا في كل يوم (خميس) وهو يوم عطلة المتاحف، كنا نذهب الى المكتبة الخاصة بالمتحف التي كانت تعد من المكتبات المهمة العامرة والغنية بكتبها ومصادرها التاريخية والاثرية التي كان يتولى ادارتها المرحوم كوركيس عواد وهي في ذات الوقت كانت موئلاً وملجأً ومثابة الى الادباء والشعراء والمؤرخين والباحثين في التاريخ. كما كان من بين الذين يترددون عليها فضلاً عن الذين ذكرتهم الاساتذة: يعقوب سركيس وصادق كمونة وعباس العزاوي والشيخ بهجت الاثري والشيخ جلال الحنفي وفؤاد عباس واحمد حامد الصراف وآخرون غيرهم، فكنا نستمتع لما كان يدور من نقاشات وطروحات فكرية رائعة في هذه المجالس.

                      

شغل الالوسي كذلك منصب الأمين العام للفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للوثائق، وقبل هذا تقلب في مناصب ذات طابع ثقافي منها انه كان معاونا لمدير الآثار العام ، ومعاون مدير عام للإذاعة والتلفزيون ، ومدير الإذاعة وكالة ، ومدير التأليف والترجمة والنشر بوزارة الثقافة والإعلام، ومدير السياحة العام ،وعميد معهد الوثائقيين العرب وكالة .
وقد تيسرت له الفرصة السنة 1948-1949 لإكمال دراسته في كلية الإدارة والاقتصاد وتخرج فيها سنة 1952 . وقد انتقل بعد تخرجه للعمل في الإذاعة كمشرف عام على البرامج الادبية والثقافية .
وفي سنة 1964 تأسست مديرية الثقافة وكان يديرها الأستاذ خالد الشواف فأنتقل للعمل فيها ومن خلال هذه الدائرة اسهم مع عدد من زملائه أمثال الأستاذ خالص عزمي في تنظيم سلسلة من المهرجانات الأدبية ومنها مهرجان المربد الأول .
وعندما تأسس المركز الوطني للوثائق وكان تابعا لجامعة بغداد أصبح أمينا عاما له وتعود فكرة تأسيس هذا المركز الذي يسمى اليوم “دار الكتب والوثائق ” إلى الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري والأستاذ الدكتور صالح احمد العلي والأستاذ الدكتور ياسين عبد الكريم والأستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد والأستاذ الدكتور عبد الأمير محمد أمين والأستاذ الدكتور إبراهيم شوكت وكان لهؤلاء دور كبير معه لإصدار قانون جديد يلزم الدوائر بعدم إتلاف الوثائق والسجلات وتسليمها إلى المركز الوطني للوثائق .وقد احترز هذا المركز على وثائق البلاط الملكي ووزارات الدولة وقد تطور العمل في حقل الوثائق في العراق بجهوده الحثيثة وتأسس فرع في العراق للمجلس الدولي للوثائق وباشر الفرع بأصدار مجلة بأسم “الوثائق ” وكانت تصدر بأربع لغات ويواصل الالوسي حديثه ليقول بأنه يعتز ويفخر بكونه قد وضع أسس الدراسة الوثائقية العراقية المعاصرة
وقد اكتسب الالوسي خبرة كبيرة من خلال حضوره ومشاركته في مؤتمرات لندن وباريس للوثائق سنة 1980 وانتخابه عضوا في لجنة الوثائق غير المنشورة التي تعود إلى القرنين الرابع عشر والخامس عشر ومقرها لندن .
وعندما ترك الالوسي عمله في المركز الوطني للوثائق كان عدد فروع المجلس الدولي للوثائق قد وصل إلى 21 فرعا في 21 دولة عربية” .
كان له دور كبير في إصدار المجلة التراثية العراقية المعروفة : “المورد ” سنة 1972 . كما سبق له أن عمل سكرتيرا لتحرير المجلة الاثارية العراقية “سومر ” 1958-1963 . وكان كذلك سكرتيرا لمجلة “العراق ” الفولكلورية العراق 1966-1968
 مؤلفاته:
له مؤلفات عديدة منها :
ناجي الأصيل ..سيرة شخصية 1964
 ذكرى مصطفى جواد 1970
الراهب العلامة .. ذكرى الأب انستاس الكرملي 1970
موجز دليل آثار الكوفة 1965
دليل آثار سامراء 1965
” أنقذوا آثار النوبة 1966
مراجعة كتاب مختصر التاريخ لابن الكازروني الذي حققه الدكتور مصطفى جواد 1971 ”
كما أن له عشرات الدراسات والبحوث المنشورة في مجلات عراقية وعربية وأجنبية. انصرف لسنوات طويلة للاهتمام بالوثائق، والتوثيق ،ونشر الوعي الوثائقي ، وقاد حملة وطنية في هذا الاتجاه وسانده مجموعة من الشباب المحب للوثائق في العراق والذين قدر لبعضهم أن يتبوأ مراكز مهمة في عالم الوثائق العراقي والعربي .
ومما أنجزه في هذا المجال ونشره
دستور المجلس الدولي للأرشيف” (للوثائق) 1977
دستور المجلس الدولي للأرشيف (للوثائق)– 1977
الفرع الإقليمي العربي للوثائق– الطبعة الأولى بغداد 1974 والطبعة الثانية بغداد – 1977
الدبلوماتيك – علم دراسة ونقد الوثائق “– بغداد – 1974 و”الدبلوماتيك” – علم تحقيق الوثائق – ط2 بغداد -1977 - و”الأرشيف – تاريخه – أصنافه – إدارته” (بالمشاركة) – بغداد – 1979 –
”معهد الوثائقيين العرب” – (بالإنكليزية) بغداد – 1980 –
منجزات الفرع الإقليمي العربي للوثائق” 1975 – 1980، (بالعربية والإنكليزية) بغداد 1982 –
”تقرير عن منجزات الفرع الإقليمي العربي للوثائق لعام 1977 (باللغتين العربية والإنكليزية) 1982
المجمع الوثائقي (بالرونيو) “– باللغتين العربية والإنكليزية – بغداد – 1979
كما وضع دراسات ومقدمات لكتب ومطبوعات عديدة منها : “كتاب مختصر التاريخ ” – لظهير الدين بن الكازروني تحقيق الدكتور مصطفى جواد – بغداد 1971. و”تاريخ العرب واليهود “– للدكتور احمد سوسة – الطبعة الأولى بغداد 1971. وشرارات”، بقلم الدكتور موسى الشابندر وزير خارجية العراق 1941 مع ترجمة لشخصية المؤلف – بغداد 1967. و”تاريخ بعقوبة “للأستاذ احمد الرجيبي الحسيني – الجزء الأول – بغداد 1972 وكتاب ” الميكروفيلم “للدكتور السيد سعيد شلبي – بغداد 1982 و”التوثيق – تاريخه وأدواته “– للأستاذ عبد المجيد عابدين بغداد 1982 و”النظام الاساسي للفرع الاقليمي العربي للمجلس الدولي للوثائق ” ،بغداد – 1981 و”نظام معهد الوثائقيين العرب “،بغداد 1981 و”النظام الداخلي للأمانة العامة للفرع الإقليمي العربي للوثائق “،بغداد ،1981 . كما شارك في ندوات ومؤتمرات كثيرة داخل العراق وخارجه من أبرزها مؤتمرات الوزراء العرب المسؤولين عن الثقافة ومؤتمرات الآثار وندوات عن مستقبل الثقافة العربية والحلقات النقاشية حول صيانة الوثائق والمخطوطات . حاضر في مادتي ” الفنون الإسلامية “و”تاريخ الخط العربي” ، في معهد الفنون الجميلة 1960-1967 .كما كان له دور كبير في إنشاء معهد الوثائقيين العرب في بغداد
برنامج الندوة الثقافية بالتلفزيون:
وقد ولع بالإذاعة والتلفزيون حتى انه أسهم في إعداد وتقديم برامج مهمة منها برنامج “الندوة الثقافية ” وهو برنامج أسبوعي كان يقدم من تلفزيون العراق للمدة من 1960 و1972 ويستضيف فيه أدباء وشعراء ولغويين وأساتذة جامعيين مهتمين بالشأن الثقافي والتاريخي والوثائقي . هذا فضلا عن أحاديث إذاعية كان يلقيها من إذاعة بغداد وإذاعة صوت الجماهير ببغداد .وقد دارت معظم تلك الأحاديث حول قضايا ثقافية مهمة .
يتمتع الأستاذ سالم الالوسي بصفات عظيمة فهو محب للخير لايغضب بسرعة ومجامل وصبور ودؤوب وقد كتب عنه صديقه الأستاذ عبد الحميد الرشودي فقال انه مؤمن بالوطن، والوحدة الوطنية وقد وضع نفسه على مسافة واحدة من كل الأطراف والقوى المختلفة، لذلك لم تطاله الاعيب السياسة وأعاصيرها .انه يحترم العلم ،ويجل العلماء ،ويحرص على مجالستهم ومحاورتهم للوصول إلى الحقيقة .كما انه محدث جيد يجذب السامعين إليه ويأسر لبابهم بسرعة عجيبة لذلك فأنه يحظى بأحترام الجميع وتقديرهم وإعجابهم به وبجهوده .
توفي مساء الثلاثاء 16 / 12/ 2014 عن عمر ناهز 89 إنا لله وإنا إليه راجعون

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

833 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع