حكاية الأمير عبدالإله والسلفة!

        

         حكاية الأمير عبدالإله والسلفة

   

في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي كانت علاقة المواطن بالمصارف شبه مقطوعة، إذ كانت أعمال المصارف محدودة وغير واسعة ومتشعبة كما هي عليها الآن والتي وصلت الى حد شراء السيارات والأغراض الكهربائية الأخرى المختلفة وحتى (جهاز اللابتوب). لهذا كانت علاقة المصارف في ذلك الحين تقتصر على شريحة معينة من المجتمع هم (طبقة التجار) من الذين يمارسون الأعمال التجارية فقط، أما تسليف المواطن فهي لغة غريبة عليهم في ذلك الوقت، قبل أن يظهر الى الوجود فيما بعد في منتصف الخمسينات (مصرف الرهون) الذي تولى تسليف المواطنين مقابل رهن الذهب أو غيرها من الرهونات الأخرى، لهذا كان المواطن الذي تدفعه الحاجة الى البحث عن ملجأ لتوفير احتياجاته من المال لإكمال بناء داره مثلا أو غيره من الاحتياجات الاجتماعية الأخرى يضطر الى اللجوء لجهات أخرى (على محدوديتها) والاستلاف منها. كانت مديرية الأوقاف العامة إحدى تلك الدوائر التي يلوذ بها المواطن لغرض الحصول على السلفة التي يحتاجها ضمن الشروط المعتمدة لدية والتي يمنح بموجبها سلفة للمواطنين. من المفارقات التي حصلت وأخذت في حينها مجال التندر فقط بدون أن تترك مضاعفات سلبية على من اعتمدها وتقبّل صاحب السلفة لأسباب رفضها والتي تعطي في الوقت الحاضر أحد الدروس الأخلاقية في التعامل والاستقلالية في اتخاذ القرار بدون احتساب لأي اعتبارات أخرى، كما هي حاصلة الآن، وتفاصيل الحادثة عندما رفع البلاط الملكي طلبا للمرحوم الأمير عبد الإله، الوصي على العرش طالباً منحه سلفة (1000) دينار وبعد استكمال الإجراءات الروتينية المعتادة من قبل الموظفين العاملين في الشعبة المختصة لإنجاز معاملات السلف في دائرة الأوقاف ومنها التأكد من توفر شروط التسليف فيها، رفع الطلب الى مدير الدائرة لاستحصال الموافقة النهائية لصرف المبلغ الى المستلف. المفاجئة كانت عندما عادت أوراق المعاملة الى الشعبة المعنية وعليها الهامش الآتي:

لا أوافق.. طالب السلفة شارب خمر.. وهذه أموال المسلمين!!.
تأمل عزيزي القارئ الشجاعة في اتخاذ القرار من قبل رئيس الدائرة، إذ لم يراع مكانة طالب السلفة وهو يتخذ قراره وتظهر ايضاً قوته التي يستمدها من التزامه بالمبادئ والقيم وعدم اكتراثه لما قد ينتج عنه موقفه هذا من مردود قد يطول موقعة الوظيفي وغيرها من المتاعب الأخرى التي يمكن ان تحصل له نتيجة موقفه هذا، إذ كانت احتمالات ظهور ردود الأفعال السلبية تعتبر طبيعية لو حصلت في زماننا هذا، أما في ذلك الوقت فإن الأمر كان طبيعياً تقبّله المستلف بدون أي ضجر او تذمر او صدور أية ردود أفعال تجاه هذا التصرف.
والآن من أصحاب العلاقة في هذه الحادثة؟.. إنهم:
المرحوم محمد بهجت الأثري (صاحب القرار) مدير دائرة الأوقاف ورئيس المجمع العلمي العراقي.
المرحوم الأمير عبد الإله (طالب السلفة) الوصي على العرش وولي العهد في النظام الملكي.
المصدر / المشرق - مثنى محمد سعيد الجبوري

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

728 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع