نصفُ قرنٍ مع عبد كاظم .. الرياضي والإنسان..لقّن لاعباً دولياً سابقاً درساً قاسياً لمنعه من السرقة !

             

           

ميشغان / أحمد زيدان:بداية عام 1964 كنت في مشوار تبضع في شارع الرشيد مع الكابتن الحاج فتاح محمد العاني لاعب فريق الشرطة والمرور الذي يحمل من الايمان واخلاق الفرسان والأحبة الكثير، سألني فجأة :

هل تحب ان تتعرف على عبد كاظم ولاعبي فريق آليات الشرطة؟؟؟

فأجبته بالإيجاب، كيف ارفض طلبا كهذا ؟ وبعد لحظات كنت وجهاً لوجه مع عبد كاظم ومظفر نوري وباسل مهدي في محل رضا الحلاق بمنتصف ساحة حافظ القاضي بقلب شارع الرشيد قبلة بغداد واهلها الطيبين . نهض عند دخولنا المحل حين قدمني فتاح له ، كان عملاقاً بكل معنى الكلمة خلقاً وتواضعاً وهو بقمة شهرته وعطائه الكروي ثم صافحت بعده مظفر نوري الشاب الوسيم وباسل مهدي . كانوا ثلاثياً تعرف من الوهلة الاولى انك امام عمالقة كرة القدم العراقية : اجساماً طوالاً ورشاقة ووسامة وخلقاً وتواضعاً ، يا الله كم كنت محظوظاً حينها لم تسعني الدنيا.
منذ ذلك اليوم توطدت علاقتي بهذا الثلاثي وعلى وجه الخصوص عبد كاظم الذي طلب مني ان ارافقهم حتى في تدريب الفريق الذي كان يدربه نجيب كابان ضابط الشرطة الخلوق واشهرمدربي كرة القدم العراقية – حينها - واعترف بانه بالرغم من مهنية كابان حينها فقد كان عبد كاظم في الوقت نفسه هو القائد والموجه والمدرب الحقيقي للفريق الذي كان لاعبوه يخشونه اكثر من كابان نفسه ويطبقون خطة عبد كاظم اثناء نزولهم الى ملعب الآليات في شارع النضال آنذاك .
ومن ذكرياتي التي لا تنسى ايامها كان احد لاعبي الفريق آنذاك شاباً يافعاً مراهقاً لديه عادة سيئة وهي سرقة حاجيات ونقود زملائه اللاعبين اثناء فترات الراحة بين ساعات التدريب، شكا بعضهم من الحالة التي تكررت لعبد كاظم فنصب له فخاً وأمسكه بالجرم المشهود وانهال عليه ضرباً بحذاء اللعب وهو يصرخ تحت يده الى ان انقذته من عبد وهو يصرخ من الألم بعدها تاب من تلك العادة واصبح لاعباً دولياً يخشاه المدافعون.
في عام 1965 اشترى لي والدي رحمه الله سيارة نوع اوستن جديدة بمبلغ 840 دينارا عندما بلغت سن الـ18 . اسهمت تلك السيارة بالتصاقي بعبد ورفاقه لاعبي آليات الشرطة اكثر فاكثر فكنت انقلهم فيها من والى التمرين ثلاث مرات اسبوعياً، كنت وعبد نتناول طعام الغداء عادة بمطعم تاجران في الباب الشرقي والفطور احيانا عند صديقه حميد الذي يفترش مكاناً صغيراً على احد ارصفة فرع من فروع منطقة الشيخ عمر ، كان حميد كريماً طيب النفس أبياً يحب عبد كاظم جداً ، كانت مشوياته لذيذة جداً نجلس بقربه على دكة صغيرة ونبدأ رحلة مسلسل المشاوي المتواصلة الى ان نهلك ونتوسل اليه بالكف عن الشوي، اما في المساء فعادة ماكنا نسهر مع شلّة أو اكثر من معارفه واصدقائه الكثر ثم اقوم احيانا بإيصاله الى داره في مصافي نفط الدورة وكانت ايامها بعيدة جداً كأنها سفرة سياحية عندما يتأخر عن اللحاق بآخر باص مصلحة نقل الركاب الذي ينطلق من علاوي الحلة ، عبد كان يصرّ عليّ بالنوم في دارهم ولا يسمح لي بالعودة الى داري في العطيفية ليلاً خوفاً عليّ فنتصل بالهاتف لنبلغ والدي ألا يقلق عليّ واعود معه صباحاً.
طوال فترة تواجدي مع عبد كاظم التي امتدت حينها اربع سنوات والحق يجب ان يقال انه بالرغم من تواضع مدخوله الشهري وكوني ميسور الحال لم يدعني ادفع درهماً واحداً من جيبي الخاص على مصاريفنا اليومية وكان يثور ويغضب لو حاولت ان اضع يدي داخل جيبي، لم ار رجلا بحياتي يملك كل تلك الروح الأبية وعزة النفس العالية وعلو جناب كما شاهدته عن قرب مع عبد كاظم الانسان، سخاؤه وكرمه غير معقول كان يستدين من اصدقائه إلا أنا ليعطي محتاجاً ويقضي مصلحة لمن يطلبها منه بدون تردد وكنت قد اشرت في ذكرياتي عن د.ضياء المنشئ قبل اسبوعين والذي عرّفني عليه عبد كاظم في احدى الجلسات على مائدته وتلك لعمري من أجمل فضائله الكثيرة عليّ التي اثبت من خلالها انه كان يتوقع للمنشئ مستقبلاً باهراً في الصحافة وقد صدقت نظرته .
عبد كاظم شاب ذو اخلاق وثقافه وفروسية ، تحدث عنه د.ضياء المنشئ في كتابه الموسوم (موسوعة كرة القدم العراقية) وأفرد فيه صفحتين تحدث فيهما عن زميل عمره عبد كاظم قائلاً (رياضي لامع مثقف ومطالع جيد لا تلتقيه مرة إلا وشاعر مبدع على يمينه أو فنان مشهور على يساره أو أديب مهم يجلس قبالته، كان دائماً محاطا بمعجبيه من زملائه واصدقائه وفي مقدمتهم الشاعر صادق الصائغ وعريان السيد خلف والمخرج المسرحي د. صلاح القصب والفنان فاضل خليل ووفي العنبكي واحمد زيدان).

يتبع ...

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

663 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع