هناء محمد: أفتخر كوني فنَّانة تحترم نفسها وفنَّها

       

أكدت الفنانة العراقية، هناء محمد، انها تفتخر بتاريخها الفني، ولا تعتبر هذا غرورًا بقدر ما هو ثقة بالنفس لانها فنانة ملتزمة وهذا يعني انها لا تؤدي دورًا لا تقتنع به، ما جعلها تعتذر عن المشاركة بخمسة مسلسلات على الرغم من حاجتها للتواصل مع الجمهور.

عبدالجبار العتابي/بغداد: في حديث مع "إيلاف"، أشارت الفنانة هناء محمد إلى أن الفنان العراقي ما زال يعاني الكثير وليس هنالك من دعم له، موضحة أن الفنان ان لم يكن مسترخيًا لا يمكنه ان يبدع، مشددة على التزامها الذي لا تتنازل عنه مقابل المادة، وانها لا تقبل تمثيل شخصية مكررة او لا تعجبها، معربة عن أسفها كونها أول منتجة عراقية لكن القنوات الفضائية لا تتعامل معها.

ما زالت هنالك شكوى من عدم وجود مؤسسة تدعم الفنان وتؤهله ليكون نجمًا، لماذا برأيك؟
النجم لا احد يصنعه غير اهله وبلده ومجتمعه ان كان يستحق ان يكون نجمًا، فلماذا اي فنان عربي يريد ان يصبح نجمًا يذهب الى مصر، هوليوود العرب، لان الفرص تتهيأ له فيها، وهناك توجد صناعة النجوم، نحن لا نريد من القائمين على العملية الفنية في العراق ان يصنعوا نجومًا او يصنعوا الممثل لشخصية معينة اذا ما كان مخرجًا، بل اريد للفنان العراقي ان يأخذ مكانته الصحيحة ان كان يستحق صفة النجم.

انا حصلت عام 2012 على جائزة افضل ممثلة دولية وليست عربية عن مهرجان طقوس في عمان، كتبت الصحافةعنه، ولكن عندما رجعت الى بلدي وانا احمل هذه الجائزة وامثل العراق، خصوصًا انني حين اعلن عن الجائزة اخذت العلم العراقي ولففت نفسي به، فمن يا ترى اعطاني استحقاق التكريم ؟ ام اعطاني تكريم آخر؟ وهذا جزء من صناعة نجم وجزء من دعم الفنان كي يكون نجمًا بمعنى الكلمة.

هل يتحمل الفنان جزءًا من هذا؟
ما الذي يفعله الفنان؟ هل يذهب ليستجدي؟ هل يذهب ليقف عند باب احدهم ويقول اعطوني بيتا اعطوني سيارة احموني انا فنان ثروة؟ نحن الفنانون نواصل الحديث من خلال الصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة، نقول نحن بحاجة الى دعم، ليس الى دعم معنوي، فهو لا يعني ولا يسمن من جوع، الفنان عندما يكون مسترخيًا وشبعانًا سيبدع اكثر، صحيح ان الجوع خلق كتابًا كبارًا مثل شكسبير ومثل الكتاب الروس الذين يقال انهم عانوا الفقر والمرض، ولكن الفنان عندما يسترخي يبدع، وليس فقط عندما يموت من الجوع، او ليس فقط عندما يكون مهملاً.

ألا يلام الفنان في عدم اختياراته الصحيحة واشتغاله مع مخرج غير جيد ؟

اللوم يقع على الفنان في حالة كانت اختياراته خاطئة، في حال تهافته على الادوار، في حال دخوله في كل شاردة وواردة، في حالة انحرافه نحو المسرح التجاري... انا هذا لا ينطبق عليّ كفنانة ملتزمة وافتخر ان يشار اليّ بأنني فنانة محترمة لنفسها وفنها، اللهم لا غرور، وانا اقول هذا بتواضع، ولو ان الانسان حين يستعرض تاريخه يفتخر بمصدر ثقته بنفسه وهذا ليس غرورًا، مصدر ثقتي بنفسي انني لا امثل دورًا لا اقتنع به.

ألا تدفع الحاجة الفنان للعمل في أي عمل يعرض عليه ؟

أنا اتحدث عن نفسي، والحمد لله شعاري "لا أحد يبات بلا عشاء"، شعاري أن اعمل للفن من اجل الفن وليس من اجل ان اكسب وان كان هذا تحصيل حاصل، فمن يعمل سيحصل على مال، ولكن هناك محبة للفن وهناك هم وهاجس اسمه الفن ، بدليل انني حتى في المسرح لا اعمل دورًا ان لم يرفع من شأني كممثلة، لا اشتغل شخصية ان لم اترك فيها بصمة او قيمة فنية عالية فقد عرضوا عليّ ستة مسلسلات تلفزيونية منها اثنان لقناة الشرقية وهي: سليمة مراد وميم ميم، وللبغدادية: علي الوردي وطريق انعيمة وقناص بغداد، فاعتذرت عنها على الرغم من حاجتي للتواصل ذلك لانني سبق لي ان اديت مثل هذه الادوار في اعمال سابقة او قريبة منها، فأنا مرآتي الحقيقية وتاج الجوائز بالنسبة لي هو جمهوري، وعليّ ان احترم نفسي وان احترم جمهوري، انا احرص على نوعية العمل وما الذي اقدمه، فقبلت بمسلسل واحد وانا اعتبره افضل السيء مما عرض عليّ ، وهو مسلسل (خارطة طريق) لقناة العراقية، ولا تعتقد ان الادوار التي اعتذرت عنها ثانوية بل رئيسية، باستثناء (ميم ميم) فقد كان عندي عندي التزام مع مسرحية (مطر صيف) فما كنت اقدر على ترك العمل المسرحي لانه جزء من التزامي.

ما الذي اعجبك في هذه الشخصية لتقبلي بها دون غيرها؟

الشخصية كانت مميزة وحلوة ولكنها ليست منتهى طموح هناء محمد، فالفنان عندما ينتهي طموحه الموت افضل له.

أي جديد لديك في التليفزيون ؟
ليس لديّ الى حد الآن اي جديد، لان اختياراتي صعبة ودقيقة، ذات مرة تحدث عني مخرجون وكذلك تحدث عني كتاب وقالوا: "هناء من النوع حين تسلم النص وتختار لهذا الدور تلاحقني انا كمؤلف الى اثناء التصوير"، لا اتدخل ولكن اقترح وابادر لثراء الشخصية وللارتقاء بها لصالح العمل اولاً واخيرًا، فأنا دقيقة جدًا على الرغم من انني بحاجة ماسة الى ان اشتغل، هناك فنانون يكسبون من 4 ملايين الى خمسة ملايين دينار شهريًا، حين يمثل ساعة على المسرح التجاري، نحن نحكي عن الفنان الملتزم الذي راتبه 400 الف دينار ويحتار ماذا يفعل بها، وهذه ليست شكوى، هل يدفعها لايجار البيت ام للتاكسيات ام ادوية او تلفونات او طعام، لا اعرف. هناك خلف الكواليس اناس يربحون ولكن الفنان العراقي ربما يتعرض الى فضيحة لانه تحت الاضواء، فأذا ما فتح فنان فمه وطالب بحقه، قيل شكى الفنان العراقي، ولكن هذا واقع، وما خفي كان اعظم، فأنت عندما تحتاج ممثلة مرموقة، سيدة مسرح عراقي، سيدة مسرح عربي، لابد ان توفر لها مواصلات، فلماذا اتحمل يوميا دفع مبلغ (20) الف دينار /18 دولارًا/ كأجور نقل، ولكن حبي للمسرح هو من يدفعني للقبول بكل هذا والحديث ذو شجون.

ما اكثر ازمة تعاني منها الدراما العراقية؟
الازمة في الانتاج والقيمين على الانتاج، وأزمة في عدم تكاتف الفنانين العراقيين، فأنا في السبعينيات كنت اتقاضى اجرًا قدره الف دولار عن الساعة التلفزيونية في دول الخليج ودول اخرى، الان 300 دولارًا ولا يمكنني ان احصل عليها، فلما المنتج يعرض عليّ عمل يعرض عليّ اجرا قدره 100 او 150 دولار، او الاجر الاعلى 200 دولار فأقول له: اذا انا اعمل معك لابد ان اعمل مع غيرك في الاجر نفسه فتعمم اجوري، الانسان بدل ان يتطور يرجع الى الوراء ؟ ثم ان الزمن تغير هناك غلاء في العالم كل الاشياء ارتفعت الا الانسان بقي رخيصًا، لا توجد محبة وتكاتف بين الفنانين، والسبب الاول الانتاج، فالمنتج يفكر كم يربح، انا منتجة، كما تعرف، لكنني اخاف الله، وهناك اشياء تحدث بين الكواليس لايمكن ان نتحدث عنها لاننا بلا اي شيء محاربون، فكيف اذا تحدثنا عنها.

لماذا لا تنتجين اعمالا درامية الان ؟
اين انتج ، فأي محطة فضائية اقدم اليها لا تعطيني اعمالاً، على الرغم من انني اول منتجة عراقية، ماذا افعل لهم، هناك ناس تقول: اتيت متأخرة ، فتعالي في الموسم المقبل، وفي الموسم المقبل يقال: أقرت دورة رمضان وهكذا.

اين الخلل في هذه العلاقة بينك وادارات الفضائية، هل لانك فنانة ملتزمة ام لاسباب اخرى ؟
كل شيء من الممكن ان تتحدث عنه الا التزامي الفني، احك عن شكلي وان كان خلقة الله، ولا يمكن ان افرط بحبي والتزامي، هذه القنوات عندما نعرض عليها عملا ما تقول: هذا العمل ليس من سياستنا ولا يخدم سياستنا، والسبب الاخر ان البعض يقول انه يخاف من هناء محمد لانهم لا يستفيدون منها، هناك محطة اخرى تقول: اتيت متأخرة.

في النصوص التي لم توافقي على المشاركة فيها، ما الذي لم يعجبك ؟
انا لا اتحدث عن نص غير جيد، فأنا لست بكاتبة مخضرمة لانتقد الكتاب، ولكنني امتلك ذائقة وتجربة وخزين، ومن الممكن ان اعطي ملاحظات، انا اعطي وآخذ في مجال اختصاصي كممثلة ومخرجة اذاعية ومنتجة، وقليلاً لدي محاولات في اعداد البرامج الاذاعية، ولا يمكن ان يقال عني كاتبة، انا اتحدث عن الشخصية التي امثلها، هي التي تجعلني لا اقبلها لانها مكررة او لا اجد نفسي بها.

أي شيء تريدين قوله للتعبير عما في نفسك ؟
انا سعيدة بكل شيء، وهو افضل من ان اخسر نفسي، فأنا كسبت نفسي، وعلى فكرة في هذا الهاجس انا لا اتحدث عن نفسي، بل احكي عن همّ فنان وليست قضية شخصية، لم أكن يوما انانية واتحدث عن نفسي، بل انا اخر ممثلة تتحدث عن نفسها، ولكن الهم العام للفنان العراقي هو ما يجعلني اتحدث بهذا الوجع.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1155 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع