فنانة عراقية توقف عندها الزمن

   

             فنانة عراقية توقف عندها الزمن

            

 

 

وداد الاورفه لي أسم ارتبط بحدث ثقافي مؤرخ ، هو ان هذه السيدة اول فنانة عراقية تنشئ اول قاعة للفنون في بغداد ، في ظل نظام أشتراكي وقطاع عام في عقد الثمانينات ، لايسمح بأي نشاطي الا عبر مؤسسات الدولة. ومنذ ذلك الوقت ارتبطت قاعة الاورفه لي باسم هذه السيدة ، فلم تكن قاعة للفنون التشكيلية فقط ، بل اصبحت ملاذا لكل شعراء ومثقفي العراق من كتاب وموسيقيين ومطربين شباب ، أحتظنتهم هذه السيدة ومن اموالها صرفت وبذخت على كل فعالية من فعاليات القاعة. وفي الغربة المريرة شجعت قريبتها ان تحول الطابق الاول من بيتها الى قاعة تحمل ايضا اسم قاعة الاورفه لي ، كما لو انها امتداد من بغداد حبيبتها التي هجرتها قسرا الى عمان. هي فنانة يمكن ان نطلق عليها لقب الفنانة الشاملة ، فهي الى جانب رسامة تشكيلية على مستوى عالمي . نجدها اول سيدة ربما في الوطن العربي ، تصدر البوما موسيقيا وهي قد ادركت عقد الثمانين من العمر المديد. كما انها بصدد ان تصدر ديوان شعر شعبي يعكس ارهاصاتها في حب بغداد. ومن يطلع الى كتابها الجديد الموسوم "سوالف" بطبعته الأنيقة سوف يحلق معها في مسيرة سيدة عراقية، من مطلع عقد الثلاثينات من القرن المنصرم لغاية يومنا هذا. ففي الكتاب سوف ننبهر لطفلة في بواكير عمرها تتدرب على عزف العود . وتنهل من مكتبة والدها القانوني أمهات الكتب العربية . شغوفة بولوج كل ماهو حضاري ومتقدم في حياة بغداد. درست في مدرسة ثانوية ماتعلمته في معاهد لبنان . وامسكت الريشة ورسمت قبل ان تلتحق بمعهد الفنون الجميلة . وفي لبنان شاركت المطربة فيروز في بواكير حياتها الغنائية، في العزف لها على البيانو بطلب من الموسيقار عاصي الرحباني. حتى العمل الصحفي والتوثيقي دخلته يوم شاركت الفنان والمهندس الكبير رفعت الجادرجي ، في توثيق جوانب بغداد الشعبية والتراثية ، مثل سوق الصفافير وسوق الهرج . ويوم غادرت بغداد بصحبة زوجها الدبلوماسي ، كانت أسبانيا ملهمتها الاولى ، وهي تشاهد عرب الاندلس كيف شيدوا حضارة تليدة باقية حتى اليوم. كان زوجها مشجعها الاول في العودة الى الرسم ، بعد ان توقفت ردحا من الزمن عنه في خضم الحياة الدبلوماسية التي عاشتها. كان هو من يبتاع لها أدوات الرسم وفي أطلال الاندلس رسمت بريشتها بما يعتمل في صدرها ، وجسدته على لوحات يشهد بجودتها كبار الرسامين التشكيليين.
ابصرت النور ببغداد عام 1929 ، وكان والدها قد جلب لها معلمة تعلمها في الدار. وقرأت القران الكريم في الكتاتيب مبكرا. وكان معظم افراد العائلة من القانونيين وكان والدها درس القانون في اسطنبول وتدرج في وظائف متقدمة ومتعددة.
درست ومارست كل هواياتها

من مدرسة الراهبات الى المدرسة الامريكية ببغداد الى الدراسة في كلية البنات ببيروت . كانت نشاطاتها قد تعددت ببيروت فقد مارست التمثيل المسرحي وعزفت على البيانو والاوركوديون .عادت لبغداد و التحقت بكلية الملكة عالية للبنات ببغداد .
كما قلت مارست الرسم مبكرا قبل التحاقها بمعهد الفنون الجميلة وشاركت في معارض مدرسية ، كانت محصلتها ان اعجب الملك فيصل الثاني بلوحة من لوحاتها هي لوحة الورد واشتراها . وتسنى لها ان تصافح الملك الذي شد من أزرها ورحب بها.
هي والمشاركات بالمعارض المحلية والعالمية

لعل معرض المرفوضات في مقدمة المعارض التي شاركت فيه ، وهو تقليد لمعرض اقيم بباريس يضم مارفض من لوحات فنية.وشاركت بمعرض الثورة بلوحتين افتتحه الزعيم عبدالكريم قاسم .
في بون بالمانيا الغربية كان الحدث الاول في حياتها باقامة اول معرض شخصي للوحاتها . وشهدت مدينة نيويورك معرضها الشخصي الثاني بعد انتقالها مع زوجها الدبلوماسي للعمل هناك بامريكا بالسفارة العراقية. وكان معرضها الشخصي الثالث في عمان ، تحت عنوان معرض النكسة أثر العدوان الصهيوني على العرب عام 1967 . وتحت عنوان معرض الربيع كان معرضها الرابع في العاصمة الاردنية. ومنمنمات من التراث العربي كان معرضها الشخصي الخامس ببغداد
قاعتها الحبيبة في بغداد الحبيبة

افتتحت قاعة الاورفه لي وهي حلمها الذي حققته بمجهوداتها الشخصية ، بمعرضها الشخصي السادس في 24 اكتوبر من عام 1982. سماه الفنان الراحل جبرا ابراهيم جبرا بأسم "تهاويل تراثيه" . رافقت نشاطات القاعة المتعددة والمتميزة فترة الحصار الدولي الظالم على بلدنا . وهنا انتقلت بالقاعة الى بناية جديدة ، وبالرغم من اوجاع الحصار كانت تصر على اقامة النشاطات الفنية والشعرية والثقافية والعلمية ايضا ، وشهد الحضور انحسارا بعد انحسار، بسبب تدني الحياة المعاشية بسبب الحصار. الى ان حلت النكبة بعراقنا التي اشبهها بنكبة فلسطين، يوم غزت امريكا الوطن عام 2003 . ونهبت قاعة الاورفه لي نهبا يحاكي نهب بغداد ايام الغزو المغولي. زعلت على قاعتها الا ان عزاءها ان بلدها برمته نهب وخرب .
شدت الرحال الى عمان بصحبة زوجها واولادها . وفي الاردن راحت تجتر الذكريات المؤلمة . وصعقت بفقدان رفيق العمر زوجها الحبيب حميد . ودفنته في تربة غير تربة الوطن .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

797 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع