«الشيماء أخت الرسول» آخر الأفلام الدينية في السينما العربية

      

          أنقذه  شيخ الازهر من المنع

الصباح/علي حمود الحسن:" الشيماء اخت الرسول" هو اخرالافلام الدينية في السينما المصرية، التي لايزيد عددها على العشرين، اذ التف صناع السينما انذاك لاهمية، هذا الوسيط في نشر الافكار السامية للدين الاسلامي، خصوصا وان افلام هوليوود، التي تناولت سيرة السيد المسيح(ع)، بدأت تغزو العالم وكان تأثيرها كبيرا في انتشار المسيحية في افريقيا واسيا، فانتجت السينما المصرية اول فيلم يتحدث عن بواكير الدعوة الاسلامية بعنوان "ظهور الاسلام" من اخراج ابراهيم عز الدين، و" إنتصار الإسلام" لأحمد بدرخان،الذي شاهده الجمهور في العام 1952، و" بلال مؤذن الرسول" من اخراج محمد الطوخي عرض في العام1953، و"رابعة العدوية" للمخرج عباس كامل في العالم  1962، وفيلم "فجر الاسلام" للمخرج صلاح ابو سيف في العام1971،

واثار إنتاج هذا النوع من الافلام جدلا واسعا على صعيد مشروعية التناول وحرمة الاقتراب من المقدس.


الشيماء وبيجاد

يحكي الفيلم قصة "الشيماء.. حذامة بنت الحارث "أخت الرسول محمد (ص) في الرضاعة، التي تعيش في مضارب  بني سعد، وهي ربيبة رسولنا الاكرم مع اخيها عبدالله( غسان مطر)، ذاع صيتها لجمال انشادها الشعر، وبعد انتشار الدعوة  تتخذ قبيلتها موقفا مضادا منها، خصوصا زوجها بيجاد(احمد مظهر) الذي تحالف مع المشركين بقيادة ابي جهل (كنعان وصفي)  واليهود لمواجهة الدين الجديد، عانت كثيرا من تصرفات زوجها، اذ فشلت كل محاولاتها لثنيه عن معاداة الرسول(ص) وتأليب القبائل لمقاتلته، لكنها وظفت شعرها وصوتها الجميل، لتغير وجهة نظر قبيلتها، التي عزمت على مقاتلة المسلمين.
تتلخص القصة بانتصار اصحاب الرسول ويندحر المشركوين، يدخل المسلمون مكة، يكابر بيجاد ويوغل في أذية الرسول، الذي
يهدر دمه، تطلب الشيماء من اخيها الامين العفو عن زوجها، فيستجيب الرسول لها ويسلم زوجها.


شادية الإسلام


الفيلم مقتبس من مسرحية بعنوان "شادية الاسلام "  للكاتب أحمد باكثير(يمني من اصول  إندونيسية)  المقيم في مصر انذاك، وله اكثر من (35) كتابا، اثار النص اكثر من اشكالية، اذ اعترض عليه  رجال الدين قائلين" ليس من المعقول ان تكون اخت الرسول في الرضاعة مغنية، اذ لم تثبت المصادر ذلك، ثم كيف  لصوت إمرأة ان  يثني قبيلة عن الحرب" بالمقابل اصدر شيخ  الازهر جاد الحق بيانا اوضح فيه: " الغناء ما لم يقترن، او يشتمل على منكر، او محرم بنص قطعي" وبذا حصل الفيلم على موافقة الازهر الشريف.


فيلم مختلف


تحمس المخرج حســام الدين مصطفى (1926-2000)  للفيلم ، و أراد إخراجه بطريقة مختلفة، خصوصا وانه تخرج وتدرب على يد أكبر مخرجي هوليوود، ويمتلك موهبة جيدة، لذا اعتمد على الحركة والايقاع السريع وتحريك المجاميع والكتل الكبيرة، مصورا الفيلم في الصحراء والواحات، التي تحيط بالقاهرة، اذ بنى هيكلا للكعبة،  مستخدما اكثر من (2500) حصان، و(1500) بعير، و(5000) شخص من الكومبارس، فيما صور مشاهده الداخلية في استوديو  مصر، كان التصوير بألالوان، وكلف انتاجه (100) الف جنيه مصري.


اختيار الممثلين


أراد حسام الدين مصطفى بطلة لفيلمه ذات مواصفات خاصة، تليق بهذه الشخصية، فهي آخت سيد البشرية، رشحت له  عشرات الممثلات، لكنه اختار سميرة أحمد لاداء  شخصية الشيماء، وكان دور بيجاد زوج الشيماء محسوما لاحمد مظهر، لما لديه من خبرة في الافلام التاريخية، فهو  فارس ويجيد ركوب الخيل، لكن حسام  واجه مشكلة في ايجاد ممثل لدور عبدالله الاخ الشقيق للشيماء، بعد اعتذار يوسف شعبان عن العمل، وكذلك شكري سرحان الذي لم يقبل بدور يقل عن  دور زميله احمد مظهر، وقع الاختيار على ابراهيم خان، لكن المنتج هذه المرة اصر على ابعاده، الا ان اكتشاف المخرج لشاب فلسطيني ذ صوت  مميز ونبرة عربية فصيحة، كان بمثابة الانقاذ، فاسند اليه الدور ليبزغ نجم  ممثل اسمه غسان مطر.


لقاء في الصحراء


بدا تصوير  المشاهد الخارجية  في الصحراء منهكا ومتعبا للمخرج وفريق عمله، فليس سهلا تحريك  الجيوش والكتل البشرية  وبناء الديكورات الضخمة،  الا ان مفأجاة سعيدة  بددت كل ذلك،  اذ حضر المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد الى موقع التصوير،  لمشاهدة  صديقه وزميله في  الدراسة الجامعية حسام الدين مصطفى – اذ درسا معا وتدربا على يد مخرجي هوليوود الكبار، اذ لازم  العقاد على مدى عشرة ايام المخرج وكان حضوره  يدل على ذكاء، فهو بمثابة بروفة مصغرة لفيلمه  "محمد رسول الله" الذي اصبح " الرسالة " فيما بعد، مثلما جاء على لسان حسام الدين مصطفى في كتاب " الدين والعقيدة في السينما المصرية" لمحمد صلاح، واضاف مصطفى في استذكاره لتلك الايام" ابدى العقاد ملاحظات  محدودة  وكان وجوده محفزا لي"  متابعا ان العقاد  ودعه بالقول" كان الله في عونك"  فرد عليه حسام الدين" بل في عونك ياصديقي ميزانيتي(100) الف جنيه وكلفة فيلمك الاولية(20) مليون دولار"


خلاف مع بطلة الفليم


اثناء المراحل الاخيرة من التصوير، تسربت اخبار صحفية عن  توقيع  سميرة احمد عقدا لاداء دور "مدام اكس"، وهو فيلم جري مقتبس عن رواية بذات الاسم  للصحفي اللبناني سعيد فريحة، استشاط حسام الدين غضبا،  وطلب توضيحا من سميرة أحمد، التي رفضت دعواه  واخبرته، بانها تعمل مع حسن الامام على فيلم "بنت بديعة"، الذي تظهر فيه راقصة ومغنية، حاول حسام الدين اقناعها بالعدول عن ذلك، لكنها رفضت بقوة ووصل الامر الى المحاكم،  وطلب منها  ان تؤجل ذلك.. الى حين عرض "الشيماء" وافقت من حيث المبدأ، الا إن ظروفا انتاجية أخرت إكمال التصوير،  فشاهد الجمهور "بنت بديعة" قبل"االشيماء" بعدة  أشهر، ولم يجن الفيلم، الذي استمرعرضه ثلاثة اسابيع في دور العرض السينمائية،  سوى (4500) الف جنيه مصري.


طلع الفجر علينا
وظف المخرج الموسيقى التصويرية، التي شغلت أغاني أدتها سعاد محمد، حيزا  كبيرا من الشريط الصوتي،  بطريقة مبتكرة وفاعلة ، جاعلا منها جزء من بنية السرد، ساعده في ذلك تناوب ثلاثة من عباقرة الموسيقى على تلحين الاغاني، التي مازال يرددها الناس ليومنا هذا، إذ نحج بليغ حمدي ومحمد الموجي والشاعر الغنائي عبد الفتاح مصطفى، في تقديم مقطوعات غنائية لاتنسى على شاكلة "طلع الفجر علينا"، و"اشرق شمس الهدى" و" صدق الوعد"وغيرها.  

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

995 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع