رشيد القندرجي أسطورة المقام العراقي وواضع أُسس مدرسته

   

بغداد/ المدى:استذكر بيت المدى قارئ المقام العراقي رشيد القندرجي الذي يعتبر رائداً من رواد المقام الذي تميز بأسلوب ومدرسة خاصة في هذا المجال و من خلال مشاركة فرقة أنغام الرافدين لتراث المقامات العراقية البغدادية والتي تميّز أعضاؤها بأنهم قُراء مقام عراقي إضافة الى انهم عازفون على آلات (الجالغي) البغدادي...

         

وضمت الفرقة عازف الجوزة وقائد الفرقة طه غريب ، و عازف الايقاع محمد خليل ابراهيم و صباح هاشم عازف السنطور،والمطرب صباح كاظم ، و قد قدمت الفرقة مجموعة من المقامات العراقية والبستات التراثية و مقام الرست العراقي للمحتفى بذكراه بصوت قائد الفرقة طه غريب بمشاركة صباح كاظم .

سيرة
مقدم الجلسة الإعلامي و الإذاعي لطيف جاسم قال، إن رشيد القندرجي ولد عام 1886 وتوفي عام 1945 و جاء لقبهُ (القندرجي )، لأنه امتهن مهنة صناعة الاحذية ، واعتاد القندرجي أن يستمد أُصول المقام من خلال أعلام عصره، أمثال احمد الزيدان حيث أخذ عنه رشيد الكثير في ما يخص المقامات و أصولها ، وحضر لهُ الكثير من مجالس قراءة المقام ، و بدأ رشيد يقرأ المقام بصوتهُ الشجي بطريقة الزير التي اشتهر فيها في ما بعد . وبعد افتتاح إذاعة بغداد عام 1936 عُيّن القندرجي خبيراً في المقام العراقي و قد قدمت الاذاعة أهم تسجيلاته . وبالرغم من عدم معرفته القراءة والكتابة كان عارفاً بأدق تفاصيل الموسيقى و بالاخص في مجال المقام العراقي ، وبالرغم من اندثار طريقته إلا انها بقيت صفحة تأريخية فنية جديرة بالذكر والاحتفاء .
رمز من رموز الوفاء
و وصفه عازف (الجوزة) و قائد فرقة أنغام الرافدين طه غريب بأنه رمز للوفاء ، فبعد أن كان وفياً لفنه وكرس حياته له كان وفياً أيضاً لحياته الخاصة حيث توفي القندرجي بعد اسبوع واحد من وفاة والدته ، وقد تألق في بدايات القرن العشرين وتميز صوته بشيء من الحسرجة ، كما كان القندرجي مقرباً من الطبقة الحاكمة حيث اعتبروه علماً من أعلام المقام العراقي وقد قرأ المقام بطريقة مستعارة تعرف بالزير ، وقد اعتبرهُ الباحثون رائداً في هذا المجال .
قصة صوته المميز
وبين لنا قارئ المقام خالد السامرائي اهم اسرار تميز صوت القندرجي حيث إنه تعرض لحادث تمزق في الاوتار الصوتية مما افقدهُ القرارات وكان هذا سبباً لاستخدامه اسلوب الزير في المقام و بذلك اشتهر القندرجي بالاجوبة فكان غناؤه بأسلوب جواب الجواب ، كما أدى المقام الرئيسي والفرعي ونافس في ذلك القبانجي . وذكر السامرائي أن القندرجي تتلمذ على يد اليهود وسبق القبانجي في الغناء وكان اكثر عازفي المقام العاملين معه من اليهود ، كما ادى القندرجي المقام الابراهيمي وتنافس في هذاالمقام مع القبانجي وبالرغم من أن لكل منهما اسلوبه في اداء المقام الإبراهيمي إلا ان هذا التنافس ولّد خلافاً بينهما .
قارئ مقام من الطبقة الراقية
كما أوضح الباحث محمد لقمان أن القندرجي عاصر الكثير من المطربين امثال نجم الشيخلي والقبانجي و امتد غناؤه الى الاربعينيات ، و اعتبر من الطبقة الراقية التي اشتهرت بقراءة المقام العراقي ، و جعل أسلوبة المميز في قراءة المقام مدرسة جديدة في هذا المجال وتميز بطبقات الصوت العليا ، كما تأثر به عدد من الشخصيات من تلامذتهِ امثال (عبد القادر حسون ، اسماعيل عبادة ، مكي الحاج صالح ،و سيد محمد البياتي ) . واضاف لقمان إن القندرجي كان مولعاً بجلسات المقام العراقي حيث إنه كان يحضرها منذ طفولتهِ جالساً تحت ما يسمى بـ(التخت) ليستمع لمطربي المقام العراقي .
خليفة الزيدان
وبيّن الباحث كمال لطيف سالم ان القندرجي تتجسد فيه الشخصية البغدادية بكل ابعادها فهو المولود بمنطقة العوينة ببغداد وقد تشربت اسماعه بتراتيل منطقة باب الشيخ حيث مرقد الكيلاني الذي كان ينشد فيه خيرة قراء الاذكار، اضافة الى المقاهي التي تقام فيها حفلات الجالغي. مشيراً الى انه كان كثير الاستماع الى قارئ المقام احمد الزيدان الذي يقرأ على الطريقة الزيدانية في مقهى القيصرية. وقال: ذات مرة تخلف الزيدان عن المجيء فحل مكانة القندرجي وادى كما ينبغي فأبهر السامعين، وحين دخل الزيدان واستمع اليه اعجب به كثيراً وقال بالحرف الواحد انت خليفتي. ومنذ ذلك الحين اخذ القندرجي يقرأ المقام وكانت الفرقة الموسيقية المصاحبة له اكثر أعضائها من اليهود وكانوا من خيرة العازفين في ذلك الوقت. لافتاً الى انه قرأ المقامات الرئيسة الرست والمنصوري والبيات لكنه اجاد في مقام الابراهيمي المكون من ثلاث وعشرين شعبة أي انتقالة نغمية، ويعد القندرجي افضل من ادى هذا النوع من المقام. وقال: عزف القندرجي عن الزواج لسببين: حبه للمقام وحبه لوالدته وخوفه عليها من زوجة قد تؤذيها. مبيناً ان نوري السعيد كان يحب الاستماع اليه، ومرة اتصل بالاذاعة في وقت كان رشيد يؤدي فيه المقام لوصلة تستغرق عشر دقائق طالباً استمراره لوقت اضافي، فاستمر لخمس دقائق أخرى، وتم اعطاؤه خمسة دنانير مكافأة له مقابل هذا الوقت الإضافي!
 
خبير المقام
وذكر الشاعر والإعلامي شاكر الشرقاوي ان للمقام العراقي صولة وجولة بعد الدولة العباسية. وقال: هناك شخصيات مؤثرة في الشارع العراقي في زمن لم تتوفر فيه وسائل الترفيه والتثقيف، لذا احتلت جلسات المقام مكانة واسعة. لافتاً الى ان شركة بيضا فون اسهمت من جانبها في طبع اسطوانات لأولئك الرواد باصواتهم الجميلة تصاحبها رائحة القهوة والنركيلة.
وأشار الشاعر والإعلامي علي الحداد إلى ان القندرجي يعد مدرسة في المقام العراقي تتلمذ فيها الكثير ممن قرأوا بأسلوبه.
بين مدرستين
وأوضح الباحث حيدر شاكر ان مدرسة القندرجي هي امتداد لمدرسة أحمد الزيدان. مشيراً الى انه يعد مدرسة كلاسيكية امام مدرسة القبانجي الذي جدد في المقام من خلال طرق الاداء ووضوح المفردة الكلامية واختيارها، لذا نجد قراء المقام الكلاسيكيين يؤكدون على الصوت بغض النظر عن فهم معاني الكلام. وقال: القندرجي كان يصر على اسلوب الطريقة القديمة التي من ابرز سماتها صعوبة معرفة القصيدة او الزهيري او فهم مضامينها. موضحاً بانها مدرسة تهتم بالقدرة الصوتية للمطرب وهو يؤدي المقامات بطبقات صوتية حارة على حساب ادغام الكلمة.
ومن جانبه لفت الباحث عبد الوهاب الحمادي الى ان الدكتور علي الوردي كان معجباً بأداء القندرجي والقبانجي. مشيراً الى انه حضر حفلة اقامها السيد جعفر رئيس بلدية الكاظمية بمناسبة ختان حفيده، وفيها استمع الى محاورة غنائية بين القبانجي والقندرجي كان لها اثر كبير أُعده نقطة تحول في حياته جعلته ينتقل من المجتمع المنغلق الى المجتمع المتمدن المنفتح.
 محبوب من الجمهور
و قال مطرب التراث مجدي حسين بأن القندرجي كان محبوباً من قبل الجمهور وذلك لتميزه بطبقة صوتية خاصة وصوت شجي طروب مقتدر .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

761 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع